من المتفق عليه أنّ المصالح تتحكم بالعلاقات في ما بين دول العالم من دون ان تأخذ بعين الاعتبار مصير الشعوب، ذلك في الوقت الذي ترتفع صرخة من هم لا يستطيعون مواكبة التطورات التي تأتي أسرع مما يتصورون وكيف تحدث على أكثر من صعيد.
وعند مراقبة المتغيرات يخرج المرء من واقعه ليجد نفسه أمام واقع “معدّل” إن صح التعبير، فالمرفوض، سابقاً، تتم العودة اليه بعكس الحديث عن مشروعات مقبولة، آنياً، لأن الأرض أصبحت على صفيح ساخن بفعل الصراعات المتحركة، النائمة منها والظاهرة، في أكثر من بقعة جغرافية.
المشهد من فوق هو غيره من تحت حيث تختلف الصورة بين من يراها وبين من يكون في داخلها.
التاريخ زاخر بالأطماع والطموحات البشرية للسيطرة على الأمكنة الأفضل لتحقيق النمو حتى ولو تطلب الأمر افتعال معركة او حرب تبدّل وجه الطبيعة الانسانية.
ومن هنا يمكن فهم صيرورة السياسة الدولية المختلفة التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية منفردة، بعد الانهيار العامودي للاتحاد السوفييتي، بحيث العالم بإدارة قطب واحد لا قطبين كانا قبلاً. وهذا ما غذّى المارد الصيني الناهض.
لكن، والحال هذه، هناك عنصر مهم في القضية الدِوَلية يراه رجل الأعمال جهاد ياسين بالامتدادات الخارجية لخطة الانقاذ الأميركية التي ينفذها الرئيس جو بايدن ونائبه كامالا هاريس في أنحاء الولايات المتحدة، وهي تبدو أكثر من كونها داخلية لتتكيف مع التحولات العالمية بما يعزز المخططات المتناسبة وحركة النمو التي ستنتج عن اعادة التموضع العسكري في الدول قيد التواجد.
الواضح، يقول ياسين، إن واشنطن بايدن – هاريس لا تريد حسم أي وضع بالقوة قناعة بأن المرحلة المقبلة هي لجعل الكرة الأرضية أكثر قبولاً بما أمكن مع تطبيق حلول سياسية تخدم السلام والأمن القومي العالمي الشامل والمتوازن والدائم.
وما يلفت ياسين الانتباه اليه تلقيه ولورين وليامز، نائب كبير مسؤولي التعبئة Grassroots Fundraising اللجنة الوطنية الديمقراطية DNC رسالة الكترونية بتاريخ الثلثاء 10/08/2021، فحواها إقرار مجلس الشيوخ للتو قانون الاستثمار مرة واحدة في الجيل في البنية التحتية والذي تقدم به الحزبان الديمقراطي والجمهوري بهدف تحديثها، ويشجع العمال والمزارعين والشركات الأميركية للدخول في المنافسة والفوز في القرن الحادي والعشرين.
وينص القرار على تخصيص ما يفوق مائة مليار دولار لتطوير الجسور المتهالكة والطرق السريعة المتآكلة، إضافة الى تخصيص تسعة وثلاثين مليار دولار لتحديث النقل العام، ناهيك عن مشروع كان تحدث به بايدن بشأن معالجة أزمة المناخ وتحسين مستوى البيئة، وجعل الاقتصاد الأميركي مستداماً بشكل يمكنه من المنافسة.
هذه الخطة، تشير إلى الاستثمار في الطاقة النظيفة والمركبات الكهربائية لأول مرة في التاريخ الأميركي، كما ستعمل على تزويد آلاف الحافلات المدرسية والنقل بالطاقة الكهربائية.
وفي هذا المشروع إشارة إلى ما يمكن أن يكون قدوة للاستفادة منه عالمياً، وهذا يوضح، بحسب الرسالة، بداية مقدرة الديمقراطيين على تمرير التشريعات الهامة كقانون الاستثمار في البنية التحتية والوظائف وخطة الإنقاذ الأميركية.
وتلفت الرسالة الى أهمية تسلّم الديمقراطيين المناصب العليا للامساك بزمام الأمور.
وعليه يذكّر ياسين بموقف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب الرافض لهذا المشروع لأنه يؤثر سلباً على شركاته واستثماراته الداخلية.
ويقرأ ياسين في ما يحصل مؤشرات تدل على أنّ خطة بايدن مغايرة لما كان يطمح اليه ترمب، ويرى فيها امتداداً خارجياً تستفيد منها الدول في مشاريعها الإصلاحية.
ياسين يذهب إلى الأعمق في عودته إلى لحظة الفوز حين قالت هاريس لبايدن: “إستعدنا البيت الأبيض معاً ونجحنا وفعلناها ونخوض، الآن، تحديات لفوز الديمقراطيين في انتخابات مجلسي الكونغرس والشيوخ منتصف عام 2022”.
ويرى ياسين في هذا الزخم ضرورة الاستمرار كي يتسنى لذلك إحداث التغيير في العالم.
وهنا “علينا أن نتعاون معاً، جو وجهاد وكامالا، لتحقيق التغيير ونستطيع أن نفعله، فالتجارب أثبتت ذلك والنوايا كانت صادقة وسليمة”.
ويخلص ياسين إلى أنه، بالإضافة لما تقدم، هناك ملفات مطروحة تبدأ من “مشروع الشام الجديد” و”سد النهضة” و”نيوم” و”مزارع شبعا” وهذا ما يفرض على الجميع تحقيق السلام للنهوض بعالم جديد خالٍ من الصراعات بين الدول من دون تهميش، ما يعني إشراك الكل، وبغير ذلك ستكون هناك اصطفافات وجبهات تعمّق الأزمات قد تفجّر “هيروشيما ثانية”.
شرط تحقيق السلام الإعتراف بالآخر.
منصور شعبان
