الفيحاء إلى أين…؟

الدكتور نزيه منصور
0

تعتبر طرابلس العاصمة الثانية للبنان، تميزت تاريخياً بحسها الوطني والقومي، وملجأ للهجرة الداخلية لأبناء الشمال من مختلف المناطق وإمتداداً للساحل السوري، وأكبر جزيرة بل تكاد الوحيدة على الساحل اللبناني(جزيرة الأرانب)…

أضف إلى شهرتها بإنتاج المفروشات وصناعة الحلويات، وما من لبناني مارس عملاً وظيفياً عسكري أو مدني إلا واستقر فيها، حتى أطلق عليها:

أم الفقير بسبب إنخفاض كلفة المعيشة فيها…
حتى أنها خلال الحرب الأهلية حافظت على إستقرارها ووحدتها ومؤسساتها المدنية والعسكرية….

وتعود بي الذاكرة إلى أوائل ثمانينات القرن الماضي، حيث تابعتُ العديد من الدعاوى أمام محاكمها وفصائلها ومخافرها، وقابلتُ بعض الموقوفين في نظاراتها وسجونها، وسرتُ في شوارعها وأزقتها، وأكلتُ من مطاعمها، وتحلّيتُ من حلوياتها وخاصة حلاوة الجبن…

كم تمنيتُ الإستقرار والعمل فيها لطيبة ناسها وسهولة العيش فيها…

ولم أنسَ فنادقها حيث استرحتُ وارتحتُ بعيداً عن القنص والقصف في بيروت وضواحيها…

لكن، ما نسمعه ونراه اليوم، من حرق وتدمير وتكسير وتخريب للإدارات والمؤسسات والمرافق العامة، وتعدٍ على القوى الأمنية، وما سبق من صولات وجولات بين باب التباتة وجبل ومحسن، والجيش اللبناني ومخيم البداوي الذي ذهب ضحيته من العسكريين والمدنيين الأبرياء على مدى أشهر عدة…

طرابلس لا تستحق ما يحصل على ساحاتها…

أما من يقف ويحرّض ويموّل هذه الأعمال الإرهابية فالأمر ليس معقداً ولا صعباً، ما يعرف بالطقم السياسي الطرابلسي تحديداً (إذا جاز وصفه بالسياسي)… إذا كان يعلم وهو يعلم فتلك مصيبة، وإذا كان لا يعلم فالمصيبة أعظم….

هم من تبنوا الجماعات المتهمة وساهموا في إخراجها من السجن…

البعض منهم لم يعد يرَ سوى مصلحته الضيقة حتى انقلب البعض منهم على ولي نعمته….

والبعض هرول بإتجاه عواصم العربان وعثمان لعله يحظى ببضعة دنانير من الفضة…

إنهم لا يرون سوى سلاح الكرامة والتحرير، بمناسبة أو بدون مناسبة، في زمن يحتاج لبنان إليه أكثر من أي وقت مضى لتحرير ما تبقى من أرضه وثرواته الوطنية من نفط وغاز….

أزمة طرابس ليست في سلاح السيادة والإستقلال.

أزمة طرابلس في صراعاتكم وحقدكم فيما بينكم، ورهانكم على من باعوا أنفسهم للكيان الصهيوني..

طرابلس ستبقى رمزاً للوطنية والقومية والتعايش الإسلامي المسيحي…

طرابلس ستلفظ كل من يريد لها شراً..

طرابلس العاصمة الثانية…

طرابلس أم الفقير أم حديثي نعمة سرقة المال العام؟!

الدكتور نزيه منصور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.