خطاب استراتيجي لنصر الله: العالم يتجه نحو تعدد الأقطاب

الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله
0

شكلت مناسبة “عيد المقاومة والتحرير”، هذا العام محطة بارزة، كونها تلت، بأيام قليلة، المناورة العسكرية لـ”حزب الله” والتي تمت على مقربة من الحدود مع إسرائيل، فلسطين المحتلة، وتواكبت مع انعقاد القمة العربية في جدة بالمملكة العربية السعودية، بمشاركة وحضور الرئيس السوري بشار الأسد، وما عزز قوة المناسبة وظروفها طلّة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله الذي قال في كلمة بثتها قناة “المنار”: “من يفترض أن المعركة مع إسرائيل انتهت هو مشتبه، لأن إسرائيل ما زالت تمارس تهديداتها ولديها أطماعها، وإحياء هذه المناسبة مهم للأجيال الجدد الذين لم يواكبوا أحداث الاذلال والحواجز والمعتقلات والأذى المعنوي والجسدي، ولم يشهدوا تجربة المقاومة، وهذه تجربة يجب أن يطلعوا عليها ومن مسؤولية الاعلاميين والمؤرخين والفنانين الاضاءة على هذه المرحلة”.

أضاف: “قبل هذه المناسبة بأيام كانت لدينا مناسبة “17 ايار” التي تذكرنا باتفاقية الذل التي وقعها لبنان الرسمي مع إسرائيل، وواجهتها القوى الوطنية ومختلف فصائل المقاومة، وكان من رموز الشهادة في مواجهتها محمد نجدي، وما يحصل داخل إسرائيل له تأثير مباشر على أمن وسلامة لبنان, وصراعنا يمتد بين “17 أيار” الذي يعني الخيارات الخاطئة، و”15 أيار”، أي يوم النكبة، إلى 25 أيار تاريخ الخيارات الصحيحة”.

وتابع: “اليوم لا “إسرائيل كبرى” من النيل إلى الفرات ولا “إسرائيل عظمى”، هذه انتهت بـ2006 مع لبنان و2008 مع غزة، وإسرائيل باتت اليوم تختبئ خلف الجدران والنيران، وتعجز عن فرض شروطها في أي مفاوضات مع الشعب الفلسطيني, وليس من مصلحة إسرائيل عالم متعدد الأقطاب بل من مصلحتها بعالم أحادي تتزعمه أميركا، وسقطت رهانات ما يسمى “الربيع العربي” للوصول إلى تسويات مذلة مع اسرائيل وأيضاً سقطت معها صفقة القرن”.

وأشار نصر الله إلى أنَّه “لم تعد هناك هيمنة أميركية على العالم، وباتت الأمور تتجه نحو عالم متعدد الأقطاب وهو ما يقلق إسرائيل، وهذا تحوّل استراتيجي مهم جداً والإنقسام الداخلي الذي تشهده إسرائيل اليوم يقابله تماسك وثبات في محور المقاومة”.

واستطرد نصر الله: “منذ 75 عاماً عماد المقاومة، في هذه المنطقة، هو الانسان وليس الامكانات المادية. الانسان الذي لديه الجرأة والإقدام والاستعداد للتضحية حتى الشهادة، والانسان الذي هو المقاتل والشهيد والجريح والأسير والعائلات والبيئة الحاضنة، وهنا أتحدث عن كل محور المقاومة والممانعة، وهذه القدرة البشرية هي من الناحية النوعية ممتازة، لدينا أجيال من الرجال والنساء المؤمنين المجاهدين المضحّين المستعدين للشهادة وثبتوا بالامتحانات”.

وخاطب نصر الله “الاسرائيلي”، بكلام مباشر، يؤكد: “إنَّ الحرب الكبرى هي ليست مع الفلسطينيين فقط إنما مع مئات الآلاف من المقاتلين”.

تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لم تمر بلا رد ملفت، ومن ادنى شك، كان نتنياهو يستمع إلى نصر الله وهو يقول له: “لستم انتم من تهددون بالحرب الكبرى وإنما نحن الذين نهددكم بها”.

وتابع: “جبهة إسرائيل الداخلية ضعيفة وواهنة تعاني من قلق وجودي، مقابل جبهة المقاومة المملوءة بالثقة وروح الامل أكثر من اي وقت مضى بتحرير فلسطين والصلاة في المسجد الاقصى، وأي حربٍ كبرى ستشمل كل الحدود وستضيق مساحاتها وميادينها بمئات آلاف المقاتلين، ولدينا تفوّق هائل في البعد البشري، وإسرائيل أدركت أنَّ الأنظمة العربية عاجزة عن فرض التطبيع على شعوبها”.

ولفت نصر الله إلى أنَّ “أهم عنصر قوي لدى محور المقاومة أنهم الأصلاء. انتم الذين جيء بكم من كل أنحاء الأرض، وانتم العملاء والمرتزقة الذين جاء بكم الانجليز الى المنطقة وأنتم الكيان الوظيفي، أما محور المقاومة فهم الأصلاء في هذه المنطقة وبالتالي هم أصحاب الحق، والردع بدأ من 1992 بعد شهادة السيد عباس الموسوي وبدء المقاومة في استهداف المستعمرات في شمال فلسطين، باتت إسرائيل تقيم حسابًا للمقاومة التي ستقصف بالكاتيوشا حينها المستعمرات”.

نصر الله توجه: “الى بعض اللبنانيين الذين يتحدثون عن القلق على الموسوم السياحي، هم أيضا في إسرائيل لديهم سياحة والسياحة لديهم متيقنة والسياحة لدينا محتملة، وما الذي يحمي في لبنان؟ معادلة الردع، وهذا أنجر”.

ومضى: “الاسرائيليون اليوم سحبوا كل روح التهديدات للأيام التي مضت لماذا؟ هذا الموضوع أحدث قلقاً كبيراً للمستوطنين شمال فلسطين ومناورة المقـاومة، “مشكورين الشباب”، أحدثت حالة خوف في شمال فلسطين انعكست سلباً على السياحة”.

وسلّط الضوء على الداخل: “من مدة في الأسابيع الأخيرة الدولار يرتفع مقابل الشيكل وأخذوا اجراءات لتخفيضه، لكن وبعد التهديدات عاد الدولار للارتفاع لذلك عادوا الى لَمّ الموضوع”.

وتابع: “صورة الردع الاسرائيلي لم يتم ترميمها ولا أحد من حركات وقوى ودول المقاومة يخافه، والحسابات هي ذاتها وهو عليه أن يخاف وذهب الى التصعيد الكلامي لان ليس لديه ما يقوم به”.

ورداً على تهديدات إسرائيل قال نصرالله: “الذي يجب أن يخشى الحرب الكبرى هو الاسرائيلي وأقول لرئيس حكومة إسرائيل ورئيس أركانه وقادته عليكم أن تنتبهوا ولا تخطئوا في التقدير، وأكرر ما قلته في ويوم القدس أنه يمكن أن ترتكبوا خطأ ما في الضفة أو فلسطين أو سوريا أو ايران ويؤدي الى تفجير كل المنطقة، وقد يؤدي خطأكم في التقدير الى حرب كبرى في كل المنطقة، ما قد يؤدي بكم الى الهاوية، ان لم يؤدّ الى الزوال, ويجب أن تعرفوا أن الزمان هو غير الزمان”.

وخلص: “في ذكرى التحرير دعوة الى كل اللبنانيين “حطوا النكد والخلاف على جنب” لدينا مظلة حماية حقيقية للبنان تجسدها معادلة الجيش والشعب والمقاومة يحسب لها العدو والادارة الأميركية ألف حساب. لا تفرّطوا بها وأخرجوها من دائرة الجدال البيزنطي، وليس أمام اللبنانيين سوى العودة الى الحوار لمعالجة الأزمات”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.