“ألا يحرك كل ما يجري ضمائركم ما النفع إن ربحتم وزارة أو امسكتم بقرارها وسقط البلد؟”

العلّامة فضل الله للأم في عيدها: "يكفيها أن الجنّة تحت قدميها"

العلّامة السيد علي فضل الله
0

تناول العلّامة السيد علي فضل الله في خطيبتي صلاة الجمعة 19/03/2021، من على مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، مجمل الأوضاع المحلية، متحدثاً عن صعوبة المرحلة التي يمر بها لبنان في تاريخه على كل الصعد ومنها ما أدى “الارتفاع غير المسبوق في سعر صرف الدولار الأميركي إلى عدم قدرة اللبنانيين تأمين أبسط مقومات حياتهم من الدواء والغذاء والاستشفاء والسلع الضرورية وحتى بلغ الشح حليب أطفالهم في بلد يعتمد على 90% من احتياجاته من الخارج”.

وأضاف فضل الله تساؤل اللبنانيين حول “السبب في هذا الارتفاع السريع، هل هو اقتصادي أو الجشع لدى من يديرون الوضع المالي أو هو يستخدم في إطار الصراع السياسي.. لقد أثبت الانخفاض الذي حصل في سعر صرف الدولار أن للبعد السياسي دوراً أساسياً في ارتفاع سعر صرف الدولار..

وما زاد الطين بلة على هذا المستوى، هو ارتفاع أسعار المحروقات بكل تداعياته، وهو المرشح أن يتضاعف أضعافاً في ظل الحديث عن رفع الدعم عنه في الأيام القادمة”.

في الشق الأمني، أبدى فضل الله خشيته “مع الكثيرين من انفلات الشارع بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية ومن تداعيات قطع الطرقات وما قد يتسبب به من توترات بين المواطنين، والتي قد تأخذ طابعاً طائفياً ومذهبياً كما حصل في الأيام الماضية”.

وكذلك فقد توقف العلّامة فضل الله عند الوضع السياسي حيث لاحظ أن الطبقة السياسية لا تزال “على حالها من اللامبالاة لكل ما يجري وكأن الناس ليسوا ناسها وهم ومن أودعوهم مواقعهم، فلا تتحرك بمعالجة جادة للأزمات التي تجري، بل تكتفي في ذلك بتقاذف المسؤوليات وتبادل الاتهامات، فكلٌّ يضع المسؤولية على الآخر من وصول البلد إلى ما وصل إليه ولا أحد مسؤول، ويتم الاكتفاء بمسكنات لا تسمن ولا تغني من جوع فيما القيادات المعنية بتشكيل الحكومة لا تزال حتى الآن عند مواقفها وشروطها ورهاناتها، وليست على استعداد للتراجع عن سقوفها السياسية وحساباتها الخاصة ومصالحها الفئوية التي تضمن تأليفها”.

وتوجه إلى “كل المعنيين” سائلاً: “ألا يحرك كل ما يجري ضمائركم، ما النفع إن ربحتم وزارة أو أمسكتم بقرارها وسقط البلد؟.. عودوا إلى وطنيتكم وإلى الأديان التي تمثلونها وإلى إنسانتيكم وفكروا بمن لا يجدون دواء وطعاماً وشراباً، أو من يعيشون على العتمة لا يجدون ما يستضيئون به أو من الذين لا يقدرون على الدخول إلى المستشفى أو أن يدفعوا أقساط المدرسة أو الجامعة لأبنائهم، أو لا يستطيعون أن يرسلوا إلى أبنائهم ما يؤمن حاجاتهم في استمرار تحصيلهم العلمي في الخارج..

وإذا كان هناك منكم من لا يزال يفكر بالخارج لاجتراح الحلول، فالخارج ليس جمعية خيرية وهو لن يساعدكم إن لم تساعدوا أنفسكم، وأنتم قادرون على معالجة أزمات هذا البلد أو التخفيف منها، ولستم عاجزين، لكن ذلك لن يحصل إن بقيتم تقدمون مصالحكم وطموحاتكم على حساب مصالح البلد وإنسانه..

إن عليكم ألا تراهنوا أن الناس استكانوا، فهم إن لم يخرجوا كما ينبغي إلى الشارع أو الساحات أو إلى مواقعكم، فهم يختزنون آلامهم ومعاناتهم والتي ستنفجر يوماً ما، والويل لكم من صولة الجائع وصرخة الملهوف..

إننا نراهن على بصيص أمل بدأ يبدو، ونأمل أن لا يخبو سريعاً، بأن يكون من يمسكون بقرار تشكيل الحكومة اقتنعوا ووعوا أن الاستمرار بالتعنت وبقاء كل على موقعه سيسقط الهيكل على رؤوس الجميع.. إننا نجدد التأكيد أن البلد لا يُحكم بالنبرات العالية ولا بالأسقف المرتفعة ولا بالغلبة والاستقواء، بل بالحوار”.

وأعرب عن الخشية، صحياً، من “ان يؤدي فتح البلد على مصراعيه دونما أية ضوابط ومن دون الأخذ بأسباب الوقاية ومراقبة جادة من الدولة إلى تفاقم الأزمة والصحية ما يتطلب العودة إلى الإقفال مجدداً مما لا يتحمله اللبنانيون”.

وخص العلّامة فضل الله الأم في عيدها متوجهاً “إلى كل أمهاتنا اللاتي يملأن حياتنا عطفاً وحباً وحناناً ورعاية وتضحية، بالشكر والتقدير والامتنان على ما بذلن ويبذلن، ولن نستطيع أن نبادلهن جميلهن بجميل مهما قدمنا وفعلن لهن، فهنيئاً لكل أم بما قدمت وتقدم وستقدم.. يكفيها أن الجنة تحت قدميها، وهنيئاً لكل من قدّر هذا العطاء وعمل على مكافأته بكل ما يملك والويل لمن قصر في ذلك”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.