إستهل العلّامة السيد علي فضل الله خطبة صلاة الجمعة، 09/04/2021، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك “من لبنان الذي يستمر فيه التعثر في ولادة الحكومة التي ينتظرها اللبنانيون بفارغ الصبر لإخراجهم مما يعانون منه على كل الصعد، رغم مرور أكثر من ستة أشهر على التكليف ولم تفلح كل الجهود التي تبذل في الداخل والوفود التي أتت من الخارج ولا حتى التهديد بالعقوبات لمن يعتبرون سبباً في هذا التعثر في حلحلة العقد التي لا تزال تقف حجر عثرة أمام هذا التأليف، حيث لا يزال المعنيون في تأليف الحكومة على مواقفهم يتقاذفون المسؤوليات وتزداد الهوة فيما بينهم مما يجعل اللبنانيين يتساءلون عن السبب في كل هذا… هل هو خارجي ممن لا يريد حلاً للبنان إلا في إطار الحلول التي يراد لها أن تجري في المنطقة أو بناء عليها، أو يدخل في إطار التنازع حول الصلاحيات وتثبيت كل موقع لصلاحياته أو سعياً لمصلحة خاصة طائفية أو مذهبية أو لتحسين موقع هذا الفريق أو ذاك، في هذه المرحلة أو للاستحقاقات القادمة”.
أضاف: “في هذا الوقت تزداد معاناة اللبنانيين على الصعيد المعيشي والحياتي والإذلال لهم حتى باتوا ينتظرون إعاشة من هنا وهناك أو مساعدات ومعونات، أو يتسكعون على أبواب المصارف للحصول على نذر يسير من ودائعهم التي يبشر المسؤولون بأنها قد تبخرت أو في طريق التبخر…
إننا أمام هذا الواقع وأمام هذه المراوحة القاتلة وهذا العجز الداخلي عن إيجاد حل مؤقت للتخفيف من معاناة اللبنانيين، نعيد دعوة المسؤولين ليخرجوا من سجن ذواتهم ولعبة مصالحهم إلى فضاء الناس الذين أودعوهم مواقعهم وأن يفتحوا أبواب الحوار فيما بينهم وأن يسارعوا في تقديم التنازلات قبل فوات الأوان وارتطام البلد بقعر الانهيار”.
وتابع: “إنه من المخجل حقاً أن تقفل أبواب الحوار الداخلي أو أن نكون أمام حوار طرشان أو يقف كل فريق عند قراره لا يريد التنازل حتى يتنازل الآخر.
إننا نعيد التأكيد أن الخارج لن ينتج حلولا للبنانيين ما لم يُقدم اللبنانيون أنفسهم على إنجازها بل نخشى من أن يعمل على تعقيدها عندما تدخل حساباته ومصالحه وصراعاته على الساحة اللبنانية في بازار ما هو مطروح من حلول”.
وأشار: “في هذا الوقت عاد التدقيق الجنائي إلى الواجهة في ظل الحديث عن المماطلة في تقديم المستندات والتسهيلات التي طلبتها الشركة المعنية بهذا التدقيق والذي إن استمر سيؤدي إلى تيئيس الشركة التي تتولاه ودفعها إلى الاعتذار من الاستمرار بهذا العمل وتمييع هذا التدقيق.
إننا في هذا الإطار وقفنا ونقف مع كل الدعوات التي تدعو إلى إزالة كل العقبات من أمام هذا التدقيق والإسراع به وأن يشمل كل مؤسسات الدولة ليعرف اللبنانيون أين ذهبت أموالهم وأموال الدولة وليحاسب بعد ذلك من أهدر المال العام وأوصل البلد إلى هذه المديونية التي جعلته يستجدي صندوق النقد الدولي أو هذه الدولة أو تلك والتي لها شروطها وهي لا تعطي إلا لتأخذ من كرامة الناس وعزتهم وحاجاتهم الأساسية”.
واستطرد: “ولكن يبقى السؤال عند الحديث عن فتح ملفات الفساد هل هناك جدية في فتحها أم باتت أداة من أدوات الصراع السياسي ثم لو فتحت هذه الملفات هل سيحاسب المسؤولون عنها أم أنها ستقف عند أبواب التعقيدات الطائفية والحسابات السياسية والفيتوات والخوف من وقوع الفتنة في هذا البلد.
ونبقى في ظل الارتفاع المتزايد في أسعار السلع والمواد الغذائية ومع بداية موسم شهر رمضان المبارك ندعو التجار إلى الرأفة بالناس وبحاجاتهم وأن يأخذوا بعين الاعتبار ما يعانيه اللبنانيون على الصعيد الحياتي والمعيشي بتخفيض الأسعار إلى أقل حد ممكن والكف عن الاحتكار.
وفي الوقت نفسه ندعو وزارة الاقتصاد ومصلحة حماية المستهلك إلى تفعيل دورها على هذا الصعيد لمنع الجشعين والمحتكرين والمتلاعبين بلقمة عيش الناس وحياتهم.
وهنا ننوه بالمبادرات التي يقوم بها الأفراد والجمعيات والمؤسسات لتأمين حاجات الناس أو التخفيف عنهم ما أمكن ذلك، أو تقديمها لهم بأسعار متهاودة”.
عربياً قال: “نستذكر في هذه الأيّام مناسبةً آلمت القلوب والعقول والوجدان؛ ذكرى استشهاد الشّهيد السّعيد السيّد محمد باقر الصّدر وأخته بنت الهدى على يد النّظام البائد في العراق…
إنّنا، ونحن نستعيد هذه الذّكرى، نعيد التّأكيد على الأمّة بضرورة الاستهداء بهذا الفكر التجديديّ المنفتح والواعي الذي كان الشهيد الصدر أحد أبرز رموزه والتمسك به لنقدم الصورة الناصعة عن الإسلام في فكره وعقائده وتشريعاته ومفاهيمه، ونخترق به كلّ الحواجز الطائفيّة والمذهبيّة والعرقية ليصل إلى كلّ مكان”.
واختتم خطبته مهنّئاً: “المسلمين بحلول شهر رمضان المبارك الذي سيصادف نهار الثلاثاء القادم بناء على المبنى الفقهي لسماحة السيد فضل الله(رض) الذي يأخذ بالحسابات الفلكية الدقيقة سائلين الله تعالى أن يجعله شهر خير وبركة وعافية وأمل بمستقبل أفضل للبنانيين”.