توجه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الى السفراء وممثلي البعثات الديبلوماسية والمنظمات الدولية المعتمدين لدى لبنان والذين اجتمع بهم، قبل ظهر اليوم الثلثاء 06/07/2021، في السراي، قائلاً:
“الصورة أصبحت واضحة: لبنان واللبنانيون على شفير الكارثة. لكن، أؤكد لكم أن الخطر الذي يهدد اللبنانيين لن يقتصر عليهم. عندما يحصل الارتطام الكبير، سيتردد صدى تداعياته خارج جغرافيا لبنان إلى المدى القريب والبعيد، في البر والبحر. لن يستطيع أحد عزل نفسه عن خطر انهيار لبنان.
إن الاستقرار في لبنان هو نقطة ارتكاز الاستقرار في المنطقة. ومع وجود نحو مليون ونصف المليون نازح سوري ومئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، سيكون من الصعب التكهن بنتائج انهيار الاستقرار في لبنان.
إن هذه الوقائع تدفعنا للتأكيد أن العالم لا يستطيع أن يعاقب اللبنانيين أو أن يدير ظهره للبنان، لأن الاستمرار في هذه السياسة سيؤدي حتما إلى انعكاسات خطيرة فتخرج الأمور عن السيطرة بحيث يسود التشدد في العصبيات”.
أضاف: “لبنان بإجراء إصلاحات. نعم، لبنان يحتاج إلى إصلاحات مالية وإدارية. ولقد اتخذت الحكومة، قبل استقالتها، قرارات عديدة تتضمن إصلاحات جوهرية وأساسية، وهي جاهزة للتنفيذ. كما وضعنا خطة متكاملة للتعافي تتضمن إصلاحات مالية واقتصادية، وهي جاهزة للتطبيق بعد تحديثها، وتستطيع الحكومة المقبلة المباشرة بتنفيذها فور تشكيلها.
لقد طال انتظار تشكيل الحكومة، واللبنانيون صبروا وتحملوا أعباء هذا الانتظار الطويل، لكن صبرهم بدأ ينفذ مع تعاظم الأزمات والمعاناة، وأصبح ربط مساعدة لبنان بتشكيل الحكومة يشكل خطرا على حياة اللبنانيين وعلى الكيان اللبناني، لأن الضغوط التي تمارس والحصار المطبق على لبنان لا يؤثر على الفاسدين، بل يدفع الشعب اللبناني وحده ثمنا باهظا يهدد حياته ومستقبله كما يهدد لبنان كنموذج ورسالة في العالم، وما نشاهده من هجرة هو دليل على أن اللبنانيين قد بلغ اليأس منهم فقرروا مغادرة الوطن.
إن الاستمرار بحصار ومعاقبة اللبنانيين، سيدفع حكما لتغيير في التوجهات التاريخية لهذا البلد، وسيكتسب هذا التغيير مشروعية وطنية تتجاوز أي بعد سياسي، لأن لقمة العيش وحبة الدواء ومقومات الحياة لا تعرف هوية جغرافية أو سياسية، ولا تقيم وزنا للمحاور الغربية والشرقية والشمالية، الأهم بالنسبة للبنانيين أن ينكسر هذا الطوق الذي بدأ يخنقهم ويقطع الاوكسيجين عن وطنهم.
أنا أدعو العالم لإنقاذ لبنان، وأناشد الأشقاء والأصدقاء أن يقفوا إلى جانب اللبنانيين.
ولأن القاعدة الشرعية تقول “لا تزر وازرة وزر أخرى”، أدعو لعدم محاسبة الشعب اللبناني على ارتكابات الفاسدين.
ما ذنب اللبنانيين ليدفعوا الثمن الصعب؟ هل المطلوب أن يموت اللبنانيون على أبواب المستشفيات في الطريق إلى محاسبة الفاسدين؟
أنا أناشد عبركم الملوك والأمراء والرؤساء والقادة في الدول الشقيقة والصديقة، وأدعو الامم المتحدة وجميع الهيئات الدولية، والمجتمع الدولي والرأي العام في العالم الى المساعدة في انقاذ اللبنانيين من الموت ومنع زوال لبنان”.
وتابع: “لبنان على مسافة أيام قليلة من الانفجار الاجتماعي. واللبنانيون يواجهون وحدهم هذا المصير المظلم.
ولنتحدث بصراحة. كل الإجراءات التي اتخذناها في هذه الحكومة نجحت في تأجيل الانفجار وليس منعه. نحن نبذل جهودا كبيرة لتدارك الانهيار. لكن، بربكم، كيف يمكن منع الانهيار الكبير في ظل هذا الحصار الشديد الذي يقطع أنفاس البلد؟ قولوا لنا كيف لبلد أن يصمد أحد عشر شهرا من دون حكومة لديها ثقة نيابية وصلاحيات دستورية وفي ظل فقدان كل مقومات المناعة المالية والاقتصادية والسياسية وإدارة ظهر كاملة من الدول الشقيقة والصديقة؟
قولوا لنا كيف يمكن تأمين الكهرباء بـ 200 مليون دولار فقط في العام 2021، بينما على مدى عشرات السنين كان يتم صرف 2 مليار دولار في السنة للحصول على 14 ساعة كهرباء؟!
قولوا لنا كيف يمكن حماية الليرة اللبنانية من الانهيار وقد وجدنا الخزينة اللبنانية خاوية وفجوات هائلة في المال واقتصادا زائفا وفسادا متجذرا يحكم كل مفاصل البلد؟
هناك من يتاجر اليوم بالشعارات، سعيا لمكاسب انتخابية. يتحدثون عن 14 بالمئة من أموال المودعين، بينما صرفوا أو شاركوا في هدر 86 بالمئة من أموال المودعين خلال السنوات الماضية، ومنهم من سكت عن الحق ويأتي اليوم في ثوب الملائكة ليحاضر في حماية ما تبقى نظريا من تلك الأموال.
أقول بكل جرأة وراحة ضمير: لا تستطيع هذه الحكومة ولا أي حكومة أخرى أن تنقذ البلد من المأزق، من دون مساعدة الدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات الدولية.
لا يحق لهذه الحكومة استئناف التفاوض مع صندوق النقد الدولي لتطبيق خطة التعافي التي وضعتها الحكومة، لأن ذلك يرتب التزامات على الحكومة المقبلة قد لا تتبناها.
لذلك، نحن نصر على أن الأولوية المطلقة هي لتشكيل حكومة. لم يعد مقبولا هذا الدوران في الحلقة المفرغة حكوميا على مدى أحد عشر شهرا.
نقطة الانطلاق نحو طريق الإنقاذ هي تشكيل الحكومة، وبعد ذلك هناك طريق واحد نحو هذا الهدف، وهو طريق التفاوض مع صندوق النقد الدولي، مع تأمين مساعدة عاجلة للبنان كي يستطيع تخفيف آلام المرحلة الصعبة والخطيرة التي يمر بها”.
دياب كان يتحدث إلى عددومن البعثات الديبلوماسية والمنظمات الدولية في لبنان ضم سفراء: الكويت عبد العال القناعي، سلطنة عمان بدري بن محمد بن بندر المنذري، قطر محمد حسن الجابر، مصر ياسر محمد علوي يرافقه المستشارة شيرين الشهاوي، الإتحاد الأوروبي رالف طراف، الولايات المتحدة الاميركية دوروثي شيا، كندا شانتال شاستناي، فرنسا آن غرييو، روسيا ألكسندر روداكوف، اليابان تاكيشي أوكوبو والسكرتيرة الأولى في السفارة ماكي ياماغوشي، ايطاليا نيكوليتا بومباردييري والسكرتير الأول في السفارة إيمانوييل دب أندرسي، النرويج مارتن إيترفيك، تركيا علي باريش أولوزوي، الصين وانغ كيجيان، بريطانيا مارتن لونغدن، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير عبد الرحمن الصلح، القائم بالأعمال في السفارة العراقية أحمد جمال كنهش، القائم بأعمال السفارة الألمانية مايكل روس، نائبة رئيسة البعثة السويسرية ماغا مختار، السكرتير الأول في السفارة الدنماركية توماس إيليرتزن، المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا ورونيكا، ممثلة البنك الدولي في لبنان منى كوزي والخبير وسام حركة.
كما حضر اللقاء الوزراء في حكومة تصريف الاعمال: نائبة رئيس الوزراء وزيرة الدفاع الوطني والخارجية بالوكالة زينة عكر، المالية غازي وزني، الاقتصاد والتجارة راوول نعمه، الشؤون الاجتماعية والسياحة رمزي المشرفيه، ومستشارا رئيس الحكومة خضر طالب والسفير جبران صوفان.