لماذا زار دونالد ترامب الشرق الأوسط ولم يتجه إلى إسرائيل؟

الإعلامية اللبنانية لين ضاهر
0

زيارة دونالد ترامب الأخيرة إلى الشرق الأوسط ليست مجرد محطة عابرة في مشواره السياسي بل هي فصل جديد في لعبة نفوذ محكمة الخطوط تُدار خلف الأبواب المغلقة حيث تُرسم الاستراتيجيات الكبرى وتُنفذ التحالفات السرية التي قد تغير وجه المنطقة للأبد كان من المفاجئ أن يغيب ترامب عن زيارة إسرائيل التي طالما اعتبرها الحليف الأهم وهذا الغياب ليس صدفة بل يحمل في طياته أسراراً سياسية خطيرة وأبعاداً دبلوماسية غير معلنة تدل على أن ترامب لا يلعب وفق القواعد التقليدية بل يعيد صياغة اللعبة بقواعده الخاصة

وراء هذا الغياب تكمن شبكة من الاتفاقات السرية مع دول الخليج التي تخطت العلاقات الاقتصادية لتشمل ملفات أمنية حساسة كالاستراتيجية السيبرانية والتجسس الإلكتروني وعمليات تبادل معلومات دقيقة وحصرية لم تُكشف للرأي العام وهذه الملفات تضع ترامب في موقع القوة الحقيقية وتمنحه أوراق ضغط غير مسبوقة في مواجهة إيران وكذلك في إعادة التوازن الإقليمي بشكل عام

الأسرار العميقة التي تحيط بهذه الزيارة تكشف أن هناك تنسيقًا غير معلن بين ترامب ودوائر نفوذ قوية داخل الخليج لتحجيم النفوذ الإيراني وإعادة تشكيل جبهة عربية أميركية أكثر صلابة ومستقلة عن تأثيرات إسرائيل التقليدية الأمر الذي يهدد مصالح فئات عديدة داخل واشنطن وأوساط اللوبي الإسرائيلي الذين يراقبون هذه التحركات بقلق بالغ

كما تشير مصادر موثوقة إلى أن ترامب يعمل على تأسيس تحالفات سرية جديدة تضم قوى اقتصادية وعسكرية تركز على استغلال ثروات الطاقة بشكل مباشر بعيدًا عن المسارات الرسمية المعروفة وهذه التحالفات تديرها أجهزة مخابراتية وتتبنى استراتيجيات اقتصادية عميقة تهدف إلى قلب موازين القوى في المنطقة مع الحفاظ على ورقة العلاقة مع إسرائيل لكن بعيدًا عن الأضواء وبطريقة مدروسة تحقق مصالح أميركا الكبرى

غياب ترامب عن إسرائيل هو في الحقيقة خطوة مدروسة لتجنب إثارة غضب الرأي العام العربي الذي يعيش حالة غضب متصاعد بسبب التوترات الحادة في غزة والضفة الغربية الأمر الذي كان سيؤدي إلى أزمات دبلوماسية تعيق سياساته الانتخابية وتعطل تحقيق أهدافه الاستراتيجية في الشرق الأوسط

في الوقت نفسه فإن هذه الزيارة تحمل رسائل صامتة لكل الأطراف ففيها تحذير شديد اللهجة لإيران من مغبة التوسع العسكري والتدخل في شؤون الدول المجاورة وللدول العربية بأنها لن تُترك وحيدة في مواجهة التحديات الأمنية مع الحفاظ على توازن دقيق يسمح بإنعاش العلاقات الاقتصادية والسياسية بعيدًا عن أزمات الماضي

ترامب لا يقدم تنازلات بل يعيد رسم خارطة النفوذ بذكاء ودهاء وهذا ما يجعل زيارته الحالية مهددة بأن تفضح أوراق ضغط سرية قد تغير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط بشكل جذري وتسقط الكثير من الأقنعة التي طالما استخدمها الخصوم لإرباك السياسة الأميركية

في خضم كل هذا، لا ننسى أن ترامب يعتمد على شبكة علاقات خاصة مع أجهزة مخابرات دولية وإقليمية تسمح له بتحريك الأحداث وفق رؤى استراتيجية غير معلنة تكشف عن عمق خبرته في السياسة الدولية وقدرته على اللعب بأوراق قوية لا يمتلكها سوى قلة من القادة في العالم

ختامًا زيارة ترامب إلى الشرق الأوسط وغيابه المحسوب عن إسرائيل ليست مجرد خطوة دبلوماسية بل إعلان حرب باردة على أعداء الولايات المتحدة واستعراض قوة لا تخلو من الغموض والأسرار التي تكشف مدى قدرة ترامب على تحريك السياسة الإقليمية من الظل بعيدًا عن الأضواء وتوجيه موازين القوى بما يخدم مصالح بلاده ويعيد للولايات المتحدة موقعها العالمي كقوة لا يُستهان بها

لين ضاهر

إعلامية مختصة بالشؤون الدولية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.